الغانم: سمو الأمير الراحل كان بارا بشعبه ورسول سلام في محيطه الإقليمي ..وللعالم وجودا لا يقف عطاؤه

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد :
فأي تعبير يمكن أن يصور ما تكتوي به الجوانح ؟ وأي تصوير يمكن أن يعبر عما تنطوي به الجوارح ، ذلك أن هناك دوما، امورا تكون فوق طاقة الوصف، وتعجز عنها اللغة
يوم الثلاثاء الماضي ، فقدت الأرض واحدا من أعظم رجالها ، بل فقدت جبلا من جبالها ، كان له من الرزانة والرصانة ، بقدر ما له في القلوب من المحبة والمكانة .
يوم الثلاثاء الماضي :
يوم الثلاثاء الماضي ، رحل الأمير الإنسان والإنسان الأمير ، الأب والحامي وحارس ، توفي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ، طيب الله ثراه.
كيف لا تبكي البلاد قائدها العظيم ، وربانها الحكيم ، الذي قاد سفينتها وسط العواصف الهوجاء ، ورسا بها على شاطئ الأمن والرخاء ، وكان لها قلبا حانيا ، وساعدا بانيا ، وصمام أمان ، ومبعث اطمئنان
أقف اليوم معزيا فيه ، مؤبنا له ، وفي نفسي من صفاته المضيئة ، وسماته الوضيئة ، ما لا يسطره بنان ، ولا يصوره بيان
كان – رحمه الله – بارا بشعبه ، ممتلئا قلبه بحبه ، يسعى في حاجته ، ويسهر على راحته ، ويمتزج بتفاصيل حياته ، ويسعى جهده لتحقيق تطلعاته .
وكان في محيطه الإقليمي رسول سلام ، ومبعوث وئام ، يسعى لإبعاد الاختلاف ، وإدناء الائتلاف ، ويجتهد ما وسعه الاجتهاد ، في إشاعة روح المحبة والوداد .
وكان – رحمه الله – مسكونا بقضايا أمته العربية والاسلامية، وخاصة تلك القضايا التي يعاني فيها الإنسان ويكون ضحية التصارعات والاحترابات، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني
وكان على امتداد المكان ، وحيث وجد الإنسان ، سحابا لا يَكِف ماؤه ، وجودا لا يَقِف عطاؤه ، فلا تفقد أرض أثره ، ولا يجهل أحد خبره .
ومهما أطنب في ذكر صفاته ، والتحدث عن كريم سماته ، فسأظل مقصرا بحقه
فرحمه الله رحمة الأبرار ، ورفع مقامه في الأخيار ، وجعل قراره في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
على أن ما يعزينا عن فقده ، مَن تسلم الراية من بعده ، وهو صنوه في العطاء والبذل والكفاح ، وشريكه فيما تحقق في البلاد من نجاح ، حضرة صاحب السمو أمير البلاد نواف الأحمد الجابر الصباح ، الذي اضطلع بحمل مسؤولية البناء ، ومواصلة مسيرة التنمية والعطاء ، ولسان حاله يقول :
نبني كما كان أوائلنا
نبني ونصنع مثلما صنعوا
وهكذا يستمر وطننا ، في أيدٍ أمينة كريمة ، تضع مصلحة البلاد والعباد فوق كل اعتبار
جبر الله مصابنا بفقيد البلاد الكبير ، وأميرها الأثير ، وأيد الله خلفه بتأييده ، وأمده بتسديده ، وأدام على بلادنا أمنها ورخاءها ، ووحدتها وإخاءها ، إنه على ذلك قدير ، وبالإجابة جدير ، وهو نعم المولى ونعم النصير .